المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "تُحفظ".. تصيب الوطن في مقتل


راعي الكيف
11-10-2012, 08:39 PM
"تُحفظ" كلمة، لكن مفعولها تماماً كالرصاص والنار؛ قتلت ودمَّرت وأحرقت آلاف الدراسات والأبحاث العميقة..

جهودٌ بشرية محترفة، وأفكارٌ فريدة متميزة، وأطروحات متقدمة على زمانها ومكانها، واقتصاد وإيراد وترشيد، وتوصيات وتقويم وتصحيح.. تُقتل بكلمة "تُحفظ"، ثم تدفن هذه الجهود والأفكار في رف الوزارة أو الجامعة أو غيرها، ولا عزاء لأولئك الذين تعبوا واجتهدوا.

شركات ومراكز متخصصة في الدراسات والأبحاث يتم التعاقد معها بمقابل مادي، وبعد الحصول على الدراسة ونتائجها "تُحفظ"! فيما يقوم خبراء وباحثون ومواطنون عاديون متطوعون بتقديم دراسات للتصويب والتصحيح، ويصطدمون بكلمة "تُحفظ"!

"تُحفظ" رغم كِبَر عُمْرها إلا أنها ما زالت تتمتع بنضارتها وتوهجها وأناقتها وحظوتها مقارنة بـ"تُنفَّذ"، التي أصابها الهرم والسقم والبلادة.. "تُحفظ" تكاد تكون الكلمة الوحيدة في القاموس الإداري التي تكتب بصيغة المضارع فقط؛ من أجل تثبيتها في الرف في أي وقت وزمان!

دراسات الماضي.. على سبيل المثال، قبل ثمانية عشر عاماً تقريباً قدمت شخصية اعتبارية دراسة عميقة شاملة للجوانب الاقتصادية والأمنية والصحية.

ولو عرجنا بشكل مقتضب على الدراسة فالجانب الأمني يرتكز على تطبيق نظام البصمة على جميع الأجانب القادمين للسعودية؛ وبالتالي يتم تسهيل وتيسير الإجراءات الإدارية لهم، وكذلك يتم تضييق الخناق على المتخلفين وتطهير البلد منهم. وفيما يتعلق بالشق الاقتصادي للدراسة فيكمن بإيداع الوافدين مبالغ نقدية، تمثل قيمة تذاكر العودة لبلادهم، سواء جوياً أو برياً أو بحرياً، في بنوك سعودية معينة قبل دخولهم السعودية، وتقوم البنوك بتدوير وتحريك أموال تذاكر العودة لهؤلاء الوافدين، التي تُقدَّر بالمليارات، وذلك قطعاً ينعكس إيجاباً في تحريك الاقتصاد المحلي. والدراسة توصي بإنشاء مأوى يخضع لجميع المعايير الصحية، يتم التحفظ على المتخلفين فيه قبل ترحيلهم إلى بلادهم، ويقوم على هذا المأوى مستثمرون تتشكل إيراداتهم الربحية من خلال وجود ركاب مضمونين، ويمتلكون أموالاً نقدية مودعة في البنوك السعودية؛ وبالتالي يستطيع المستثمر أن يستأجر طائرات وسفناً كاملة بخصومات قد تصل إلى 50 %، ويحقق فوائد مالية واستثمارية. هذه الأفكار توفر على الدولة ملايين الريالات تُدفع سنوياً لترحيل المتخلفين إلى بلادهم، إضافة إلى الحد من الهاجس الأمني المتعلق بالعمالة غير النظامية.

الآن نتحدث عن ضرورة تطبيق نظام البصمة! وضرورة إيجاد نظام يقضي على ظاهرة العمالة المتخلفة! طيب.. "لو" طبقنا هذه الدراسة ـ على سبيل المثال ـ قبل ثمانية عشر عاماً، ونمت وتوسعت المشاريع التي تحتويها، وطُوِّرت الأفكار بعد الممارسة بما يتلاءم مع المتغيرات والمستجدات.. كيف سيكون وقعنا الآن؟ ما أود قوله، والتأكيد عليه، أن الكثير من الأفكار والمشاريع التي نُفِّذت مؤخراً، أو التي يتم تداولها الآن عبر الإعلام أو من خلال اللجان، تم سبر أغوارها بدراسات وأبحاث عميقة، تستشرف المستقبل بنظرات ثاقبة مبصرة، قام بها مواطنون منذ عقود، وأصبحت حبيسة الرفوف والأدراج؛ لذا تحتاج الكثير من الوزارات والهيئات والجامعات إلى أن تفتش في أرشيفها ومكاتبها عن الأفكار والجهود التي قُتلت بـ "تُحفظ"؛ ليتم تنفيذها وتطبيقها على الواقع إذا أردنا لهذا الواقع أن يتغير ويتطور، ويكون في صف الدول المتقدمة!

قبل الختام.. سألتُ "تُحفظ" ذاتها: لماذا كل هذا التغييب والتجاهل لهذه الأفكار والدراسات والأبحاث والجهود؟ فقالت ببرود: الشرط الأول للموافقة والتنفيذ لهذه الأفكار أن تكون مذيلة بتوقيع أجنبي!! ثانياً: "الحلول السريعة" تسكن الأوجاع المزمنة، وكذلك تحقق تغييراً في الرصيد البنكي!! فهل يا تُرى صحيح كلامها؟





http://sabq.org/dX0aCd