المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "قياس".. وخشية الحقائق!


راعي الكيف
11-26-2012, 11:45 PM
لسنا قادرين على معرفة ذواتنا! ولا حريصين على التعرُّف عليها، ولا مستعدين لعرضها على متخصصين لنقدها لا انتقادها، وباتت القيم والقناعات تتضخم في دواخلنا؛ فبتنا ننام ونشعر بأننا أرقى البشر، وأنّ أخطاءنا ليست حقيقة أو خاضعة للنظر.

والمتفهم فينا حريص على التطوير، لكن لا يملك المعايير والمقاييس التي يقيِّم من خلالها ذاته وحياته.

المعايير الموزونة ذات الدلالات الأكثر دقة تساعدنا على معرفة مَوَاطن القوة والخلل في مسيرتنا؛ فكلٌ ميسَّر لما خُلق له؛ فالمواصفات والمهارات والقدرات متفاوتة بين البشر، كما بصماتهم وأشكالهم، والله خلقنا مكمِّلين لبعضنا لا متشابهين؛ فالتشابه مجلبة للملل والسآمة، وجُلّ مشاكلنا ومصائبنا مع من نحب بين أن أكون شبيهاً له، أو أجبره على أن يكون شبيهاً لي؛ لتبدأ المعاناة في إدارة الحياة بينهما.

هل تعلمون لماذا نخشى التقييم؟! لأننا نتألم من الحقائق؛ فالصمت أمام الإنجاز مريح للعقل والذات، ولا نستطيع الصمود أمام الفشل النسبي في قضايا حياتنا. نحن نخشى الحقائق للأسف! ونتألم عند تفسير سلوكياتنا، أو تفسير الخبراء طباعنا وقدراتنا؛ فلا نقبل النقد، ولا نؤمن بآراء الآخرين؛ لأننا صُدمنا من آراء ارتجالية هنا وهناك؛ فتجد من حولنا يجلدون ذواتنا بلا عِلْم ولا بصيرة، ويضخمون لك البقع السوداء في صحيفتك البيضاء، بأنها معاناة لا تنتهي، وهي مصدر القلق بالنسبة لك، وتزداد المعاناة بوصفاتهم العلاجية التي توافق أهواءهم لا قدراتك ومهاراتك.

الكثير من اختبارات الشخصية التي ترد لنا في الإعلام الجديد فتحت باباً جميلاً في تأمل الذات، وإن جربها البعض منا على سبيل الفضول؛ لأنه يؤمن في داخله بأن شخصيته صعبة التحليل والاستنباط، وأنه خالي البال، ولا يحتاج للعلاج؛ فلا هو متقنع بها، ولم يذق أثر تجربتها، وأغلب التحليلات تركز على نقاط القوة في المجمل.
وأكبر مثال هو قلقنا من اختبارات "قياس"؛ لأنها تكشف الحقائق، وتظهر ما لا يمكن إخفاؤه عن متخذي القرار؛ فالجامعات اكتشفت الكثير من نتائج تحليل المختبرين، وساعدتهم في إدارة دفة المتقدمين للجامعات لدينا. وحسب ما يرد في وسائل الإعلام من ردود أفعال الجامعات فإن نسب التسرب من التخصصات تقلصت، وأصبح من السهل وضع الطالب المناسب في التخصص المناسب، وفقاً لاختبار القدرات التي تساعده في اتخاذ القرار.

همسة واقع..
متى يحين الأوان لأن نحلل قراراتنا بجودة عالية؟! فنقلص الكثير من الأخطاء والاجتهادات المبنية على نظرية التجربة والخطأ! فكثير من جهاتنا الحكومية والخاصة لا تُخضع قراراتها لمعايير تساعدها في تجسيد المشكلة وحلها، بل إن الأزمة تنشأ من أفراد المؤسسات؛ فالقرارات الجماعية المبنية على معايير سليمة أكثر تأثيراً من الاجتهادات الفردية، والتخبط المؤسسي يسمح لمحدودي التفكير بارتكاب أخطاء إدارية فادحة، يتحملها الأفراد في المجتمعات.



http://sabq.org/9Y0aCd