المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النكتة السعودية


راعي الكيف
12-12-2012, 12:51 AM
تُعتبر النكتة عامل تنفيس للمشاعر الانفعالية المكبوتة والمهضومة والمقموعة والمقهورة. ومن خلال النكتة تنفِّس الشعوب عن انفعالاتها ومواقفها وآمالها ورغباتها. إذاً، النكت ليست فقط لرسم البسمة أو تفجير الضحكة أو إضفاء طابع المرح والفكاهة على الحالة الشعورية.. فالنكتة صورة تعكس الواقع الذي تعيشه المجتمعات بكل تفاصيله الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومقياس لحدة الاحتقان الذي تعيشه الشعوب. كثيرٌ من قيادات العالم يحرصون على معرفة النكت السائدة في مجتمعاتهم، بل يشكلون وحدات استخباراتية لمتابعة النكت السائدة؛ لمعرفة اتجاهات الرأي العام. وبما أن مصر كانت متفوقة في السخرية السوداء فقد وضع الزعيم جمال عبدالناصر فِرقة استخباراتية لرصد النكت وتحليلها، ومعرفة اتجاهات تفكير المجتمع. وأيضاً النكت سبَّبت مشاكل بين الدول. في مصر مثلاً أطلقت الجماهير نكتة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بتغيير اسمه من "نتنياهو" إلى "نتن يا هوه"، وسرعان ما تفاعلت مع هذه النكتة الصحف القومية المصرية، حتى تقدمت الحكومة الإسرائيلية باحتجاج رسمي. وباستطاعتنا أن نقول إن النكت هي سلاح الشعوب.

النكتة السعودية تخصصت في القبائل والمناطق والأقاليم وقتاً طويلاً؛ فألصقت بكل إقليم وقبيلة سمة وصفة معينة، فيها ملمح من العنصرية رغم طرافة المحتوى. عالم الحشاشين سحب الضوء؛ فتطورت النكتة في هذا العالم، وأصبحت أكثر إقلاعاً وإمتاعاً. وفي هذه المرحلة أبدع صانعو النكت في الصياغة والحبكة والخيال، الذي لا يخطر على البال؛ ما جعلها أكثر انتشاراً وقبولاً من نكت القبائل والأقاليم.

النكتة السياسية كانت غائبة في الفترات السابقة، ولكن خلال السنوات القليلة الماضية ظهرت بقوة، وتطورت النكتة معها بالشكل والمضمون والأدوات. وأصبحت متعة النكتة ومفاجأتها الطريفة تكمنان في التعليق عليها في نهاية النكتة، التي تبدأ بكلمة "المهم" مثلاً؛ فالتعليق الأخير دائماً ما يفجِّر الضحكة، ولكن سرعان ما يجعلك تتألم من واقع الحال، سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً! النكتة السعودية تمتاز برصدها الواقع والقضايا، وتتفاعل مع الأحداث وتصريحات المسؤولين اليومية، وتسبر أغوار المسكوت عنه بأسلوب جذاب وطريف وممتع.. فجميع الملفات الساخنة سبرت أغوارها، كالفقر والفساد والأراضي المشبوكة وحافز وساهر وقاهر وظاهر وشاهر.. والأسماء الثلاثة الأخيرة هي برامج تحت الدراسة لـ"مصّ" الجيوب، وترقيع العيوب، كما تقول النكتة. أيضاً وضعت النكتة المجتمع السعودي تحت النقد الساخر من حيث العلاقات الزوجية وطريقة التفكير وغيرها.

الجيل الحالي يمتلك مواهب وقدرات وخيالاً خصباً، ويلتقط أدق التفاصيل، ومراقب جيد للأحداث والتصريحات، ووظَّف وطوَّع التقنية لتمرير رغباته ومواقفه وتطلعاته وانفعالاته للمسؤولين بطريقة ناقدة، من خلال النكتة الساخرة واللاذعة، التي تنتشر بسرعة البرق من خلال وسائل التواصل الاجتماعية، وكذلك وسائل الاتصال وبرامجها المختلفة.

السؤال: هل سعادة المسؤول يقرأ النكتة كنقد ساخر أم مازال يضحك عليها كنكتة، ونكتة فقط؟!



http://sabq.org/RZ0aCd