المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوادث ضد مجهول!!


بتال بن جزاء
02-12-2013, 02:58 AM
في حادث المعلمات الذي راح ضحيته معلمتان، وأُصيبت ست أُخريات الأسبوع قبل الماضي في سراة عبيدة - نسأل الله للمتوفاتَيْن الرحمة والمغفرة ولذويهما الصبر والسلوان - تفاعل الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير من خلال متابعة الحالات المصابة، وتعزية ذوي المتوفاتَيْن، إلا أن ما لفت انتباهي في تصريح أمير عسير إلى صحيفة "سبق" تأكيده عِظمَ الخطأ المرتكَب في حقّ هذه الأرواح البريئة من قِبل السائق السعودي الذي قام بتهريب عدد من المجهولين، وأن ذلك من المخالفات النظامية التي تستدعي العقوبة والردع، مشيراً إلى أن هذا المهرب سيلقى عقوبته في الدنيا وفي الآخرة، وستطبَّق بحقه أقصى العقوبات نظير خيانته لوطنه وإضراره بأبنائه.

كلام الأمير فيصل بن خالد في محله، وكلنا نتفق معه، ولكن يا تُرى، هل المسؤول الأول عن هذا الحادث المأساوي هو السائق السعودي الذي كان يقوم بنقل أو تهريب بعض المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، أم أن هناك شركاء آخرين، يُفترض تقديمهم للعدالة أو مطالبتهم بتعويضات من أُسر الضحايا في هذه الحادثة المروِّعة؟!

نعم هناك شركاء في تحمُّل المسؤولية في حادث المعلمات، وإن كان هذا الحادث تحديداً وقع بسبب مخالفة سائق السيارة الأخرى، إلا أن هناك حوادث أخرى بسيناريوهات مختلفة، والضحية فيها في النهاية واحدة دوماً، متمثلة في المعلمات المعينات في أقاصي القرى والهجر النائية والبعيدة عن أماكن إقاماتهن، وهي القضية المؤرقة جداً، التي باتت قصصها تتكرر وضحاياها تتكاثر وتتناثر في كل منطقة دون تسجيل أي بوادر صريحة حتى الآن لإيقاف إزهاق تلك الأرواح البريئة.

وزارة التربية والتعليم تتحمل مسؤولية كبيرة في حادث معلمات سراة عبيدة وحوادث المعلمات الأخرى التي تحدث بشكل مستمر تحت مرأى ومسمع الوزارة، والحوادث الأخرى التي ستحدث مستقبلاً ـ لا قدر الله ـ وهو المتوقع في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه، وعدم وضع حلول جذرية وآلية تعيين منظمة، تكفل إنهاء الأزمة، وإيقاف سيل دماء المعلمات على الطرقات.

مسؤول آخر يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الحادث غير السائق الذي حُمِّل النسبة الكبرى، ألا وهو الجهات الأمنية التي تستمر في التساهل مع دخول العمالة الإفريقية المخالفة لأنظمة الإقامة والعمل، التي باتت تؤرق الوطن كاملاً بجميع مناطقه، ومنطقة عسير بشكل يبدو أكبر من غيره، من خلال وجودها بشكل كثيف في كل مكان، خاصة في القرى، هذا بخلاف ما يشكله ذلك من خطر ومساس بأمن البلد وأهله، إضافة إلى ممارستهم مخالفات ومنكرات لا حصر لها، كان ضحيتها الكثير من شبابنا، وهو ما تحدثنا عنه سابقاً في مقالة تحت عنوان "لماذا التقاعس في مواجهة المجهولين؟"، وتحدث عنه كثير من الكتّاب والزملاء، ولكن لا حياة حتى الآن لمن ننادي!!

بل إن حلقة برنامج الرئيس للزميل صلاح الغيدان، بعنوان "المهاجر الخطر"، على قناة لاين سبورت، لم تدع شاردة أو واردة عن هذا الملف الحساس إلا وطرقته وطرحته، ومن ثم وضعته بين يدي المسؤولين، إلا أن التفاعل حتى الآن يبدو دون المأمول؛ والدليل استمرار وجود، بل ازدياد هذه العمالة!

من المسؤول؟؟ نكررها أيضاً في حادثة سيول تبوك، وهل المسؤول الوحيد هو المطر فقط أم أن هناك جهات أخرى واضحة، لم تكن أهلاً للثقة التي أوكلت إليها والأمانة التي ائتُمنت عليها؛ ما يجعلها تتحمل أسباب الكارثة؟!

في كارثة تبوك ليس المطر وحده الذي يتحمل توابع كل ما حدث؛ فالمطر نعمة من الله تعالى، ولكن كلنا ندرك أنه كان بالإمكان أفضل مما كان؛ فلو كانت البنية التحتية في تبوك وفق المواصفات والمقاييس الطبيعية المتعارف عليها، التي تغطيها التعميدات المالية التي صرفتها الدولة لها من ميزانيات الخير، بل أكثر، لما حدث ما حدث، ولكن للأسف الشديد مواصفات البنية التحتية في تبوك ومشاريع تصريف مياه الأمطار ودرء أخطار السيول جاءت وفق المواصفات المحلية، هذه المواصفات سيئة الذكر التي شاهدناها من قبل في معظم مناطق السعودية، وبصورة جلية في جدة ثم الرياض في فترات سابقة، وربما سنشاهدها مستقبلاً وبشكل أقسى - لا قدر الله - في مناطق أخرى، أعتقد أن أبرزها المنطقة الشرقية والمدينة المنورة وحائل وجازان، لكن لا نقول إلا "الله يستر.. اللهم حوالينا ولا علينا".

حقيقة، لدينا أزمات كثيرة جداً، أقواها أزمة الثقة.. كيف لا ومسلسل قضايانا المأساوية يستمر تسجيله دوماً ضد الحلقة الأضعف.. بل الأسوأ من ذلك كله حين تسجَّل ضد مجهول!!



http://sabq.org/Rd1aCd