المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "رهبان" العبادة وصفحات "الامتحان"


عبدالله بن نويمي
05-28-2013, 12:46 PM
قبيل الفجر بلحظات ترن ساعات الإنذار؛ فتستفيق العيون، وتتنبه الأسماع.
تركض الزوجة لإيقاظ زوجها، ويجري الأب لإيقاظ أولاده.. حالة من الدهشة والاستنفار التام تعلو هذا البيت منذ لحظاته الأولى.. تزدحم الصفوف، وتكاد تمتلئ المساجد في صلاة الفجر.. الكل في لحظة خنوع وخشوع لرب العالمين.. يسود الأمن ذلك البيت، وتتنزل عليه رحمة الأبوة وسكينة الأمومة في آن واحد.. الأذكار تُتلى والاستغفار في أرجائه والنفوس تائبة وإلى ربها آيبة.. فتفرح النفوس، وتبتهج القلوب، وتأنس الأرواح حينما تعيش بين جنبات هذا البيت.. ولكن المصيبة العظيمة والقاصمة الأليمة عندما يكون ذلك مقترناً بالاختبارات، فإذا انتهت وهنت النفوس، ثم آثرت الجلوس عن كل طاعة؛ فقلت البضاعة، وبانت حقيقة العبادة، وكأن حالهم حال من قبلهم مجازاً في وصف قوله تعالى {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}.

فعجباً لهذا البيت الذي قدم امتحان الدنيا على امتحان القبر وعذابه واليوم الآخر وحسابه.. وعجباً لهؤلاء الآباء الذين غرسوا في قلوب أبنائهم تعظيم الدنيا دون غيرها من الأمور التي خُلقوا من أجلها.

لم يحصل في هذه الأمة الضعف والهوان والانكسار إلا عندما تربى جيل بهذه الصورة التي تجرده من الروحانية إلى المادية؛ فأصبح يقدّم الدنيا على الدين، والدرجة على المعلومة، والشهادة على العلم.. ولم يعلم أن العلم هو سبب التوفيق في إبعاده عن سبل الغواية ووحول المعصية التي قد تعكر عليه صفوة مستقبل ونجاحه. كان عمر-رضي الله عنه – يوصي جيوشه فيقول "إنكم لا تنتصرون على عدوكم بعدد ولا عدة، وإنما تنتصرون بطاعتكم لله ومعصيته له، فإذ تساويتم في المعصية غلبوكم بالعدد والعدة".

فأين ذلك الأب الذي يغرس في قلب أبنائه أن التوفيق مقروناً بحفظه لحقوق ربه؟

بل أين تلك الأم التي تنصح بُنيها إذا تعسر عليه حفظ أو فهم بأن يفزع إلى الصلاة أو الاستغفار؟

ين هؤلاء الآباء الذين يغرسون في نفوس أبنائهم تعظيم ربهم وسُنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - على الدوام.



http://sabq.org/Lj1aCd