هل يقف تطوُّرنا على دخول النساء للمدرجات؟!

من التناقضات المتسارعة ما يدور حالياً من جدل ساخن جداً وشد وجذب حول موضوعات كثيرة؛ فلا يكاد يمر شهر إلا ونفاجأ بتقليعة جديدة، بدءاً بتغيير الإجازة الأسبوعية إلى الجمعة والسبت، إلى جدل أشد ضراوة حول إدخال الرياضة المدرسية في مدارس البنات، إلى تحرك في كل اتجاه أخيراً من أجل إقرار دخول المرأة لملاعب كرة القدم، وكأن كل ما سبق في منتهى البساطة، ولا يحتاج إلى تهيئة ودراسات وتخطيط وجس نبض الشارع حول مدى تقبله وتهيئه لاستقبال تلك المواضيع، ومدى جدواها وملاءمتها ومناسبتها لمجتمعنا، وقبل هذا وذاك أخذ الرأي الشرعي فيها من علمائنا الأجلاء.

فقط أحب التعليق على المطالبات والمحاولات الحثيثة التي نزلت علينا فجأة هذه الأيام للضغط من أجل إقرار دخول المرأة للملاعب. وللأمانة، فإن طرح الموضوع كما يحدث الآن يدعو للدهشة والاستغراب، ولعل في تسابق رئيس الاتحاد السعودي الجديد أحمد عيد ونائبه محمد النويصر وبعض أعضاء الاتحاد للحديث عن هذا الموضوع الحساس، إلى تلقف الكثيرين له والترويج له وتسويقه إعلامياً، ما يؤكد ذلك؛ إذ خُيّل لنا بأن ملاعبنا باتت جاهزة تماماً لذلك، ولم يبقَ إلى إصدار القرار.

وهنا تخرج أسئلة ملحّة وبديهية، يدركها أي متابع:

هل بيئة الملاعب الرياضية المحلية صالحة أصلاً لحضور الرجال والشباب حتى تكون صالحة لحضور النساء؟!

فلا يكاد يمر يوم إلا وتطالعنا القنوات الرياضية بتقارير وصور مخزية جداً لبيئة الملاعب، التي لا تصلح بأي حال من الأحوال للاستخدام الآدمي، بدءاً مما يقدم من أغذية، إلى سوء وقذارة دورات المياه، إلى محدودية في مواقف السيارات، إلى صعوبة في دخول الجماهير للمدرجات، وهو ما يفضي دوما إلى تسلق الأسوار بشكل غير لائق، إلى نشوء سوق سوداء لبيع التذاكر، إلى غير ذلك مما يندى له الجبين.

يا تُرى، لماذا إذاً يتم تبسيط وتسطيح الموضوع والجماعة عجزوا عن توفير بوابات إلكترونية تنظم دخول الجماهير وخروجها، فكيف يوفرون بيئة مناسبة وخاصة لدخول العوائل؟! حقا "فاقد الشيء لا يعطيه"!

ماذا عن التدخين الذي ينفث في كل مكان، ويُظهر الملاعب وكأنها مصانع؟ وكيف سيكون ذلك ملائماً وصحياً للنساء وللأطفال؟

ماذا عن الألفاظ الخادشة للحياء واللعان والسباب والشتائم والألفاظ العنصرية التي يوزعها الكثير من المشجعين في الملاعب؟ وكيف سيكون كل ذلك خادشاً ومسيئاً للأدب والذوق والحياء، خاصة في ظل وجود النساء؟

كيف سيتم التعامل مع بعض مشجعي الأندية الذين سيحرصون على التقاط صور المشجعات الحاضرات للإساءة لمدرج الفريق المنافس!!!

يجب إدراك أن المسألة ليست بتلك السهولة التي يتم الترويج لها، وقبل ذلك يجب عدم تجاوز الصلاحيات؛ فالموضوع سيادي بحت؛ لا يحق لأي أحد الحديث فيه والتسطيح له كما يحدث هذه الأيام.

واختصاراً لكل ما ورد.. لا الرياضة المدرسية في المدارس ولا حضور النساء للملاعب نهاية أو بداية احتياجات المرأة السعودية مثلاً، وإنما هناك ما هو أهم وأولى إذا ما كنا جادين فعلاً في تحقيق احتياجاتها، ولعل أبرزها إعادة إعانة حافز للمستحقات من العاطلات، وتوفير الوظائف الملائمة لآلاف الجامعيات العاطلات، وصرف مكافأة شهرية لربات البيوت؛ فبلادنا بخير ولله الحمد.

كل ذلك أهم وأولى من الحضور والتشجيع بدعوى التحضر وإعجاب الغير!!




http://sabq.org/Dj1aCd