يا رئيس فرنسا.. نساؤنا قدوة لكم!!

جاء في تصريح هولاند، الرئيس الفرنسي، بعد زيارة للمملكة: "خلال المستقبل ستحدث تغييرات آنية وتغييرات لاحقة، تصب في مصلحة حقوق المرأة والإنسان في السعودية".


هولاند اسمه يمتد لاسم هولندا، دولة التحرر الفكري والأخلاقي تاريخياً، التي كانت متنفساً للفرنسيين في عصر التخلف الأوروبي..
عندما أقرأ في الثورة الفرنسية أجد أن فرنسا ثارت ضد الملكية المطلقة، وثارت ضد تسلُّط رجال الكنيسة الدجالين، وثارت ضد القيود، والسلب، والطبقية، والاحتقار للإنسان البسيط، لكن ثورتها إلى عالم منفتح بلا دين ولا أخلاق، وتركوا للبشر حرية بلا زمام، ولا خطام، ولا عقل، كالأنعام، بل أضل سبيلاً. كان ذلك بثورة شعبية مزلزلة، امتدت لعشر سنوات من 1789 إلى 1799م.


كما أن هذه الثورة أسست نظام القانون لجميع الفرنسيين؛ فصارت أم القانون للعالم، وأشركت الكل في القرار السياسي والاجتماعي به، إلا أنها فشلت في كماله، ومن ذلك فشلها في الضبط الأخلاقي الديني لشعبها..
الفرنسيون يفتخرون بتلك الثورة، ويرون أنفسهم قادة أوروبا في الديمقراطية والتحرر، ويعتزون بلغتهم وثقافتهم وحضارتهم وأدبياتهم، وما جاءت به ثورتهم التاريخية التي قضت على كثير من الظلم والطبقية البشرية اللذين كانا يمارسان في فرنسا بل يعملون على تصدير تلك الثورة إلى المجتمعات النامية.
لكن المجتمع الإسلامي بعيد عن المجتمع الفرنسي والغربي عموماً.


ذلك أن الإسلام سبق الثورة الفرنسية في إعلان حقوق الإنسان، ومن ذلك حقوق المرأة.


لكن مشكلة النموذج الإسلامي المفقود أضعف تصدير الحقوق الإنسانية للعالم، ولكم أن تنظروا إلى نموذج المجتمع النبوي، وهو النموذج الحكم، ولا يبرر ذلك تدخل الأجنبي في روح المجتمع الإسلامي..
أقول لهولاند:


نحن الذين سنصدر لكم حقوق المرأة وحقوق الإنسان كلها، وسنصدر لكم العدل الذي جاء به الإسلام، وتحرير العقول من رق الإلحاد والضلال والتيه والشهوات.


الإسلام يا هولاند أخوف ما تخافون منه!! لأنه ينسف قوانينكم التي جاءت بها ثورتكم.


الإسلام يا هولاند أعزّ المرأة، وأكرمها، وحفظها، وأعطاها حقوقها المتسقة مع فطرتها وكيانها البشري، وراعى خصوصيتها.
ولن تكون ثورة بشرية تعلو على شرع إلهي.


فرنسا منعت حرية الأديان على البشر جميعاً!!


لأن مقياسهم دين محرَّف! لعب به رجال الكنسية في عهد الظلام، على عقول الأوروبيين، يوم أن كانت عقولهم مصادَرَة وجامدة وتابعة ذليلة؛ فكانت سبباً لثورة حررت من ظلم البشر، وكان الواجب أن يتفكروا بعقولهم المتحررة حقيقة وجودهم، وحقيقة الشرع الكامل الذي ينظِّم ذلك الوجود البشري.


جعلوا من ثورتهم أن المرأة المسلمة لا يمكن لها ممارسة شعائر دينها - ومن ذلك مثلاً الحجاب - على الأراضي الفرنسية؟؟


أيّ عدل هذا؟ وأيّ حرية تزعمون؟!!


فرنسا اغترت كثيراً بثورتها، ونظَّرت للعالم كله بكبرياء، وهي جوفاء، من الداخل بطالة ومشردون مهاجرون، وطبقية مقيتة تجاه نوعيات من البشر، وانحلال أخلاقي تتقزز منه الفطرة البشرية..!!


أقول يا هولاند:


فوبيا الإسلام لن تمنعكم أن تنظروا إلى نسائنا؛ هن قدوة لنسائكم، تعلموا منهن العقل، والعفة، والأدب، وتعرفوا على الحقوق المكفولة للمرأة في الإسلام.


لكن التقصير منا نحن المسلمين أننا لم نصدر حقوق الإنسان لكم، وقد نخطئ في التطبيق بتقصير منا.


الديمقراطية في دائرة الرأي البشري ليس عدواً للإسلام؛ فالإسلام يؤسس الشورى، والإسلام سن الحقوق الشرعية للرجل والمرأة بعدل ومساواة، والإسلام دين التسامح والحب، والإسلام يأمر بألا نتدخل في شؤون الآخرين، والإسلام أمر بتصدير العفة والأخلاق الفطرية لنساء البشرية كلها.


إذا مارس المسلمون نشر مبادئهم وأخلاقهم قلتم "متطرفون إرهابيون" للتخويف والإبعاد والإقصاء، وإن طمعت أنفسكم فيما لدى المسلمين من شيء جئتم إليهم تهرعون.


لا يمثِّل الإسلام نموذجاً ناقصاً، بل يمثل الكمال في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.


أنقذوا فرنسا أولاً من لعنة الحرية الأخلاقية المنفلتة، ثم ابحثوا عما يضبط أخلاقكم ويهذب اعتقاداتكم.





http://sabq.org/tX0aCd