مدن.. "تغرق في شبر ماء"!

لأول مرة أحتار في اختيار عنوان لمقالتي؛ فقد احترت كثيراً، وترددت أكثر في اختيار عنوان لهذه المقالة؛ والسبب في ذلك كثرة العناوين التي يمكن أن توضع لمثل هذه المقالة، ومن هذه العناوين:

ـ الرياض.. تغرق في شبر ماء.

ـ مشروعاتنا التنموية.. تغرق في شبر ماء.

ـ بلادنا.. تغرق.

ـ إجازة.. البنية التحتية.

ـ بنيتنا التحتية.. لم ينجح أحد..!!

وغيرها الكثير، ولكن بعدما رأيتُ أن المطر في هذه المدن لم يأتِ إلا لدقائق معدودة، ثم يتوقف، ويهطل بعدها لدقائق أخرى، ثم ما يلبث ويتوقف، ولا يكون قوياً في كثير منها، أي أنه لم يتواصل لساعات مثلاً كما يحدث في كثير من بلدان الشرق الآسيوي، ولم يكن بالقوة التي تدمر - لا قدر الله - وبعدما شاهدنا ما شاهدنا من آثار لهذه الأمطار، ومن دمار وخراب في كثير من مدننا، بل معظمها، من سيول وبحيرات؛ فقد احتاجت بعض المدن للقوارب، وانقطعت سبل التنقل في البعض الآخر، وغرقت شوارع هنا، وتكسرت أخرى هناك، وغرق أناس في الشمال، ومات آخرون في الجنوب.. فالوفيات تجاوزوا "العشرة"، والمتضررون بلغوا المئات، قررتُ أن يكون العنوان هو: (مدن.. "تغرق في شبر ماء"!).

وكي لا أطيل على القارئ العزيز سأتجنب عد آثار هذه الأمطار من خراب ودمار، ولن أذكر أسباباً لما حدث، ولكنني سأكتفي بذكر بعض الملحوظات، أو بعض الأسئلة، وسأترك الإجابات لكل واحد يراها من زاوية رؤياه، ويحكم عليها من منطلقات فكره، ويُعمل عقله في تأملها والبحث لها عن أسباب أو إجابات.

ـ من الملاحظ أن كل المدن التي جاءها المطر أصابتها أضرار كثيرة..!!

ـ هناك قاسم مشترك بين كل هذه المدن، هو: ضَعف البنية التحتية..!!

ـ ظهر جلياً افتقادنا للتخطيط السليم..!!

ـ كان واضحاً جهلنا في التعامل مع الطوارئ، وافتقادنا إدارة الأزمات..!!

ـ مشروعاتنا التنموية.. سمك.. لبن.. تمر هندي..!!!!!

ـ طرقنا.. ضحية.. للمقاول "التاسع عشر"!

ـ هل نستطيع التعامل مع الكوارث الطبيعية لو حدثت لا قدر الله؟!!

ـ هل في وزاراتنا.. إدارة للتخطيط؟!!

ـ وهل تعرف معنى التخطيط الاستراتيجي؟!!

ـ هل تخطيطنا.. "حبر وورق.. في.. حبر وورق"؟!!

ـ ماذا لو كان لدينا قطارات في مثل هذه السيول كيف سيكون وضعها؟!

ـ هل فكرنا بوصفنا أفراداً أو مؤسسات أو وزارات.. في الاستعداد للتعامل مع الكوارث الطبيعية؟!!!

ـ نقدر للدفاع المدني جهوده.. لكن ماذا يفعل في ظل بنية تحتية...؟!!

ـ نقدر للتربية والتعليم حرصها على أرواح أبنائنا.. لكن هل الحل بالتعليق..؟!!

أما السدود.. فحدّث ولا حرج.. ما نعرفه أن السد يمكن أن يفيض لكن ينهار.. لا تعليق..!!

وفي الختام.. يذكرني هذا الوضع بالمثل القائل: "لا يصلح العطار ما أفسده الدهر".




http://sabq.org/Hi1aCd