أين خططكم يا معالي "الوزراء"؟

في عام ????م، أي قبل نحو?? عاماً، وبعد الحرب العالمية الثانية، كانت اليابان محطَّمة كلياً؛ فقد خسرت أكثر مما قد تكون خسرته أي أمة أخرى في المائتي سنة الماضية؛ لقد تدمر كل شيء، حتى أن اقتصادهم انهار كلياً.. فماذا فعلوا ليتجاوزوا تلك الظروف الصعبة؟ لقد اجتمع قادة الحكومة مع الاقتصاديين والتربويين والاجتماعيين والصناعيين، وطرحوا سؤالاً "ماذا باستطاعتنا كأمة أن نفعل لنعود كما كنا؟"، وفي جواب لذلك السؤال خرجوا بقرار أن يكونوا بعد عشر سنوات البلد رقم واحد في إنتاج النسيج، وكانت النتيجة أن حققوا هدفهم. ومع بداية العقد التالي اجتمعوا وقرروا أن يكون هدفهم لهذه السنين العشر هو أن يكونوا البلد رقم واحد في إنتاج الفولاذ. من يعرف طبيعة اليابان يعلم أن تحقيق مثل هذا الهدف يُعتبر مستحيلاً؛ وذلك لعدم توافر الإمكانيات الطبيعية التي تمكنهم من ذلك؛ فلا يوجد لديهم نفط ولا فحم ولا حديد خام..! لكنهم لم ينظروا إلى ما لا يمتلكون، بل إلى ما يمتلكون، وهو العزيمة وإرادة العمل. العجيب أنهم حققوا هدفهم!

في السنوات العشر التي تلتها حددوا هدفاً جديداً ليحققوه، وكان أن يتصدروا دول العالم في إنتاج وتصنيع السيارات. أتعلمون، لقد أخفقوا في أن يحققوا هدفهم في الوقت المحدد بسنة واحدة فقط. لقد عرف اليابانيون أن تحديد الأهداف هو الخطوة الأولى لتحقيقها؛ ولذلك استمروا في وضع الخطط العشرية، وقرروا في الثمانينيات أن يكون هدفهم هو أن يتصدروا العالم في صناعة وإنتاج الإلكترونيات والكمبيوتر، ولا أعتقد أنكم بحاجة لأن أخبركم بأنهم قد حققوا هذا الهدف أيضاً.

تضع الدول خططاً خمسية أو عشرية، وبأهداف واضحة، وبناء على الإمكانيات والموارد المتاحة. ونحن في السعودية لدينا خطط خمسية، من المفترض أن تسير عليها وزارات الدولة. هذه الخطط لها تفصيلات، ومن المفترض أن تُنفِّذ تلك الوزارات جزءاً من تلك الخطة في كل عام، بحيث يتم اكتمال العمل وإنجاز الخطة بنهاية السنوات الخمس.
من المعلوم أن لكل وزارة خطتها الخاصة بها بحسب طبيعة عملها، وهي بذلك تخدم الخطة الخمسية العامة للدولة. من الأمور المهمة لنجاح تلك الخطط أن تكون تلك الأهداف واضحة للقائمين على تلك الوزارات، وتكون معلنة، ويتم تقييم عمل تلك الوزارات بناء على ما تم إنجازه.

من الممكن أن يكون التقييم داخلياً، بحيث تقوم الوزارة بتقييم عملها، ويمكن أن يكون خارجياً، بحيث تتم الاستعانة بجهات أو مؤسسات خارجية؛ بهدف قياس الأداء ومدى تحقيقه للأهداف. كما أن من الأساليب الشائع استخدامها في تقييم الجهات الخدمية كوزارة الصحة والتعليم - مثلاً - تقييم الجمهور المستفيد من الخدمة، بحيث تقوم تلك الجهات بسؤال المستفيدين من الخدمات عن رضاهم عن أداء تلك الجهات من خلال نماذج أسئلة مقننة لقياس ذلك.
من المهم أن تكون هناك أهداف وخطة واضحة ومحددة لكل وزارة؛ فمن خلالها يستطيع المسؤول في الوزارة أن يحمي نفسه عندما ينفِّذ ما هو مخطط له ومطلوب منه، وفي الوقت نفسه يستطيع صانع القرار وكذلك المواطن تقييم تلك الجهات بحسب ما أنجزت من تلك الخطة، لا بحسب الأهواء والرغبات.



http://sabq.org/Vf1aCd